القصة 20: تاجر الحبوب
القصص التي نقدم لكم هي من صلب الواقع تعمدنا تغيير أسماء الأشخاص و أحيانا الأماكن وإذا ما وقع تشابه أو تطابق في الأسماء أو الوقائع فإنه من باب الصدفة ليس إلا.
تاجر الحبوب
الجزء الأول:
في الفاتح من يوليوز من العام 2007 كانت مدينة الصويرة كدأب مدن مغربية ساحلية كثيرة تعج بالسياح، في ساحات المدينة إحتفالات تستغرق من الليل أغلبه، وبرغم الرياح التي كانت تمشط المدينة فإن الساحات والشوارع كانت غاصة بالناس، في تلك الليلة وكانت ليلة مقمرة طرقت سيدة يهودية باب مكتب عميد الشرطة المكلف بالمداومة، جاءت السيدة تبلغ عن إختفاء زوجها شمعون بن ميمون، قالت إنه تعود أن يأوي إلى بيته بعد مغرب كل يوم وإنها إنتظرت قدومه ولما تأخر إتصلت به في هاتفه المحمول ولكنه لا يرد، كانت السيدة الخمسينية قلقة، قالت إنها إتصلت بشريكه في تجارة الحبوب وعلمت أنه لم يكن في المخزن.
كان شمعون بن ميمون الستيني رجلا معروفا بين تجار الصويرة، كان تاجر حبوب متخصص في تجارة البشنا أو (الزوان) ذاك الحب اللماع الذي يعرف عامة الناس أن هواة تربية الطيور يطعمونه طيورهم، شمعون بن ميمون يعلم كما شريكه عبد الله بن المختار أن "للزوان" إستعمالات أخرى، كان يعلم مثلا أن تلك الحبات اللماعة تدخل في صناعة الويسكي وفي صناعات أخرى.
سجل العميد المكلف بالمداومة أقوال زوجة شمعون بن ميمون، كما دون أوصاف الرجل وطمأنها بأنه سوف يخبرها بكل جديد، كانت المرأة قلقة للغاية، خائفة تكاد تجزم أن زوجها شمعون تعرض لمكروه، ولذلك فإنها ترددت مرات عدة على مفوضية الشرطة علها تظفر بخبر يطمئنها، ولكن العميد المكلف بالمداومة لم يتوصل بما يطمئئن تلك المرأة الخائفة.
في صبح اليوم المواليكلف العميد فرقة من الفرق التابعة له بالتوجه إلى المتجر الذي يديره شمعون بن ميمون وشريكه عبد الله بن المختار، كان الضابط أحمد الفايز على رأس تلك الفرقة، لما وصل للمتجر وجد عبد الله بن المختار شريك شمعون في المكتب وقد بدى مستغربا هذا الغياب غير المألوف لشمعون عن منزله، قال للضابط إن شمعون لما إفترقى يوم السبت كان على موعد مع مدير البنك حيث يوجد حساب شركتهما، قال إن مدير البنك إستدعاه لتصفية دين وكان المفروض أن يرافقه إلى ذلك الموعد لولا إصرار شمعون على الذهاب وحيدا، علم الضابط الفايز من عبد الله بن المختار أن الأمر يتعلق بدين كان بذمة مدير البنك عبد الحميد بن كحلة وهو بقيمة 500000 درهم، بدى للضابط الموكول إليه هذا الملف أن الأمر بحاجة إلى توضيحات وللتوضيح رأى عبد الله بن المختار شريك شمعون بن ميمون ضرورة رواية القصة من بدايتها.
وبداية القصة تعود إلى العام 2003، قال عبد الله بن المختار: في صيف ذلك العام علمنا أنا وشمعون أن محصول الزوان في أستراليا المنتج الأول لهذه الحبوب سيكون ضعيفا ولذلك قررنا أن نعمل على شراء أقصى ما يمكن شراؤه من محصول الزوان في المغرب بغرض تصديره، كانت تجارة عبد الله وشمعون أمام طارئ وفرصة من ذهب، هما يعلمان أن المغامرة التي يقبلان عليها مربحة ومربحة جدا، ولذلك إرتأيا أن يقترضا من البنك 3 ملايين درهم، لم تكن مغامرة غير محسوبة فقد كانا موقنين أنهما فور شحن المحصول على متن البواخر سيقبضان الثمن وضمنه أرباحا مهمة، أعدا ملف طلب القرض وكانا يستوفيان الشروط بحكم جديتهما فضلا عن إمتلاكهما ما يفوق قيمة الدين، أودعا الملف لدى مديرة البنك ثلاتة أيام بعد ذلك أبلغا بأن المؤسسة البنكية وافقت على منحهما القرض المطلوب بل زادت عليه مبلغ 50 مليون سنتيم، إستغرب عبد الله وشمعون ذلك وذكرا مدير البنك بأنهما لم يطبا سوى 3 ملايين درهم، رد المدير بأنه هو من زاد إلى المبلغ المطلوب 500000 ألف درهم وأنه يريد المبلغ قرضا لنفسه لأنه مقبل على عملية تجارية، قال عبد الحميد بن كحلة إنه لا يريد أن يعلم رؤساؤه بالأمر وإلتزم برد الدين خلال 6 أشهر، وافق التاجران على ما يعرضه مدير البنك، لم يناقشا كانا في حاجة ماسة إلى القرض الذي يطلبانه، وهكذا تسلما 350 مليون سنتيم وسلما عبد الحميد بن كحلة 50 مليون سنتيم وسلمهما شيكا بالمبلغ على سبيل الإقرار بالدين.
في فبراير من العام 2004 كان التاجران شمعون بن ميمون وعبد الله بن المختار قد سددا ماكان بذمتهما من دين أي 350 مليون سنتيم، بقي عليهما أن يسترجعا من مدير البنك عبد الحميد بن كحلة مبلغ 50 مليون سنتيم، غير أن الرجل نحى منحى المراوغة، وفي كل مرة كان يقول لهما إن ما حققاه من أرباح كبرى من ذلك القرض إنما كان بفضله هو، تطورت العلاقة بين التاجرين ومدير البنك إلى الأسوأ في العام 2007 في ربيع ذلك العام هدداه بعرض الأمر على رؤسائه، فوعد بأن يسدد ما بذمته في آخر مايو من العام 2007، ولكنه لم يفي بوعده، وذات صباح إتصل بشمعون بن ميمون وحدد له موعدا 30 من يونيو لتسوية الموضوع، كان يوم سبت، السبت الذي إختفى فيه شمعون بن ميمون فما الذي حدث؟!
طلب المدير من شمعون أن يحضر إلى منزله الذي يوجد في نفس بناية البنك في السادسة مساء وأن يحضر معه الإقرار بالدين أي الشيك الذي يتضمن مبلغ 50 مليون سنتيم، كان عبد الله بن المختار يصر على أن يرافق شريكه إلى ذلك الموعد وكان شمعون مصرا على أن يلتقي مدير البنك بمفرده، وقد طمأن شريكه بأنه لن يأخد معه الشيك الأصلي بل نسخة بالألوان وأن الوثيقة الأصلية ستظل في صندوق الشركة إلى حين سداد الدين.
طلب الضابط أحمد الفايز من عبد الله أن يسلمه صورة الشيك، بعد أن حصل عليها توجه إلى البنك...
يتبع
تعليقات
إرسال تعليق