القصة 11: ذات الرداء الأبيض


ذات الرداء الأبيض

القصص التي نقدم لكم هي من صلب الواقع تعمدنا تغيير أسماء الأشخاص و أحيانا الأماكن وإذا ما وقع تشابه أو تطابق في الأسماء أو الوقائع فإنه من باب الصدفة ليس إلا.

ذات الرداء الأبيض

الجزء الأول:

في 15 غشت من العام 2001 تقدم حسن الفخوري إلى مكتب رئيس أمن مدينة آسفي، كانت التاسعة صباحا، أبلغ الكتابة بأنه يريد مقابلة الرئيس لأمر هام. لم تمر سوى بضع دقائق حتى فتح له باب الرئيس. حسن الفخوري هو إبن الحاج الهاشمي الفخوري الذي توفي منذ نحو أسبوعين، وكان الحاج الهاشمي من كبار تجار المدينة كما كان له حظور في مجال الصيد البحري إذ كان يملك عدة سفن. حسن كان الولد الوحيد للحاج الهاشمي من زوجته التي توفيت قبل أزيد من عامين، عائلة الفخوري عائلة محافظة وتحظى بإحترام كبير في مدينة آسفي.

كان حسن متوترا وهو يستقبل في مكتب رئيس أمن آسفي، لم يكن يستطيع إخفاء علامات الحياء التي علت وجهه، ولكنه ما لبث أن إستعاد هدوءه وأبلغ رئيس الأمن بأنه جاء ليسجل شكاية ضد إمرأة تدعي أنها أرملة والده، وتزعم أنه تزوجها سرا قبل فترة. قال حسن إن والده توفي في 13 من يوليوز من العام 2001، وإن تلك الشابة وتدعى زهور شاريد حضرت إلى البيت وقالت إنها أرملة الحاج الهاشمي الفخوري، إدعت أنه تزوجها سرا قبل 6 أشهر ولتأييد مزاعمها قدمت نسخة من عقد الزواج كان رقم بطاقة التعريف الوطنية لوالده مسجلا بوضوح في ذلك العقد، وكانت زهور شاريد ترتدي جلبابا أبيض وغطاء للرأس أبيض: أرملة في حداد.

قال حسن الفخوري إنه وحفاظا على سمعة العائلة آوى تلك المرأة الشابة التي تدعي أنها أرملة والده في بيت العائلة، مرت مراسيم العزاء دون أن يثار أي مشكل وفي اليوم الرابع قالت زهور إنها تريد أن تنتقل إلى منزل والدتها، وزعمت أن الراحل الحاج الهاشمي كان يأتي عندها إلى ذلك المنزل. ذات الرداء الأبيض التي كانت تبدي أسفا وحسرة كبيرين على فراق الحاج الهاشمي لم تغفل وهي تغادر منزل عائلة الفخوري أن تطلب من حسن أن يبادر إلى تصفية التركة ويعجل بالأمر، كانت تصر على تصفية الميراث قبل أن تنقضي عدتها.

إنشغل حسن بإحصاء تركات والده، مرت 10 أيام وفجأة تفطن إلى أنه من باب البر بالوالد تفقد حال أرملته، قصد إلى العنوان المذكور في نسخة عقد الزواج، لم تكن في البيت ولكن أحدهم قال إنه خالها أخبر حسن بأنها ذهبت إلى المقبرة لزيارة قبر زوجها الفقيد. ترك لها مبلغا من المال لتدبير شؤونها ووعد بالعودة لزيارتها بعد يومين أو ثلاثة أيام. لما عاد بعد تلك الفترة لم تكن موجودة بالبيت هذه المرة أيضا، قيل له إنها خرجت لقضاء بعض الأغراض، بعد ساعة كانت قد عادت إلى البيت. لاحظ حسن أن الأرملة إرتدت أثوابها البيضاء فوق ملابس لا تليق بأرملة في فترة العدة، لاحظ أيضا آثار مساحيق التجميل على وجهها، كانت مضطربة كأنما فاجأها بحضوره إلى البيت.

تصرفات زهور الأرملة الشابة أقلقت حسن، أيقن أنها تكره زياراته ولذلك تفتعل ما يجعله يعجل بالإنصراف، في المرة الأخيرة كانت إشاراتها أكثر وضوحا قالت إنها سوف تتصل به هاتفيا إن إحتاجت أي شيء. بدى أن وراء الأمر سر يتعين كشفه. ما كان يعلمه قبل أن تدخل مشهد عائلة الفخوري تلك المرأة التي تتشح بالبياض أن الحاج الهاشمي الفخوري بعد أن توفيت زوجته كان يرفض الزواج من إمرأة أخرى، رفض إيماء ات وإيحاء ات عدد من أفراد عائلته. يذكر حسن أنه بالغ مرة في الإلحاح على والده ما إضطر طبيبه إلى التدخل ليبلغه بأن الحاج الهاشمي لم يعد يقوى على المعاشرة الزوجية.

تذكر حسن كل ذلك وأراد الآن وقد رحل والده إلى دار البقاء أن يعلم من الطبيب السبب الحقيقي الذي جعله يقول إن والده لم يعد يقوى على المعاشرة الزوجية، قصد عيادة الطبيب، لما إستقبله نقل إليه السؤال الذي كان يحيره، قال له إن والده تزوج في السر من إمرأة شابة، إستغرب الطبيب قال إن الحاج الهاشمي الفخوري فقد القدرة الجنسية منذ فترة طويلة، قبل وفاة زوجته والدة حسن، وإنه حاول مساعدته غير أن المحاولات إنتهت إلى التأكد من إستحالة الشفاء.

أججت إجابات الطبيب أكثر شكوك حسن الفخوري في ما تدعيه زهور شاريد، قرر التحرك، وقبل أن يقصد مكتب رئيس الأمن في آسفي إستعان بخبرات صديق له هو رجل أمن متقاعد طلب منه أن يراقب تحركات زهور. بعد أيام جاء الشرطي المتقاعد يحمل معلومات هامة، قال لصديقه حسن إن زهور شاريد إمرأة سيئة السمعة في الحي الذي تقيم فيه، لاحظ أيضا أنها تخرج كل يوم إلى شاطئ البحر يرافقها شاب معروف بسلوكه المنحرف شوهد وهو يختلي بها في أكثر من مكان.

كتم حسن غيضه، لم يرغب في القيام بأي تحرك متسرع أراد أن تكون الصورة مكتملة لديه، إستشار خالته فوعدته بأن تتقصى الأمر، كانت الخالة تعرف المسؤولة عن حمام النساء في الحي الذي تقطنه زهور وعائلتها، قصدت إلى الحمام، ذابت بين النساء وكانت الطيابة قد أخبرتها بوجود المرأة وأمها في الحمام، كما أنها دلتها عليهما، كانت مفاجأة الخالة كبيرة لما وقع نظرها على أم زهور شاريد لم تكن سوى تلك المرأة التي كانت خادمة في بيت الحاج الهاشمي قبل وفاة زوجته والتي طردها لسلوك مشين قامت به، كان كل أفراد العائلة يعلمون أن تلك الخادمة بعيد وفاة زوجة الحاج الهاشمي إقتحمت عليه غرفة نومه ذات صباح وبرفقتهى فتاة شبه عارية.

يتبع...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

القصة 19: المحلل يمتنع عن التطليق

تتمة القصة 10: العم جوزيف النبال