القصة 18: أسرار الرماد
القصص التي نقدم لكم هي من صلب الواقع تعمدنا تغيير أسماء الأشخاص و أحيانا الأماكن وإذا ما وقع تشابه أو تطابق في الأسماء أو الوقائع فإنه من باب الصدفة ليس إلا.
أسرار الرماد
الجزء الأول:
كان الضابط أحمد المتوكل من قدماء الشرطة إرتقى الرتب الواحدة تلوى الأخرى بجده وإنضباطه، من حارس أمن إلى مفتش للشرطة إلى ضابط ممتاز. نحن الآن في العام 1996 في تلك السنة إلتحق الضابط ممتاز إبن طنجة بمفوضية الشرطة بالعرائش بعد أن قضى عشرة أعوام في الشرطة القضائية حيث راكم تجربة كبيرة في الحوادث المشبوهة والحرائق.
طلب الضابط الممتاز أحمد المتوكل نقله إلى العرائش بعد أن أوشك أن يحال على المعاش، كان يريد الإقتراب من طنجة حيث شرع في بناء منزل يأويه بعد أن يحال على التقاعد.
في العرائش إندمج بسرعة ضمن أسرة الأمن الإقليمي وإعتبارا لتجربته الطويلة وخبرته فقد أسندت إليه مهمة الإشراف على مصلحة الشرطة القضائية، في 12 أبريل من العام 1996 وجد نفسه يتعاطى مع ملف من صميم ما يمكن أن يعتبر إختصاصه بإمتياز، صباح ذلك اليوم وبعد جهد كبير تمكن رجال الإطفاء من إخماد حريق مهول شب في حدود منتصف الليل في مخزن للخشب تعود ملكيته إلى التاجر المغربي اليهودي الديانة شمعون عليل المعروف أيضا بتجارته في مواد البناء، نار في مخزن للخشب لكم أن تتصوروا المشهد، كان المخزن بناء مستطيلا بطول 100 متر بينما عرضه 50 متر، كن يحتوي على كل أنواع الخشب، وكان داخل البناء غرفة يأوي إليها الحارس.
حضر الضابط الممتاز أحمد المتوكل إلى المكان مرفوقا بعدد من مساعديه، وجد نفسه أمام حالة تشبه حريقا كان قد شب بالدار البيضاء قبل سنوات، لم يتمكن وقتها من التوصل إلى تحديد أسبابه لأنه سمح لصاحب المحل بتنظيف المكان، اليوم نراه حريصا على ألا يتكرر الخطأ ولذلك أصدر لمعاونيه أوامر صارمة: لا يسمح لأي كان بدخول المكان.
كان شمعون عليل في جملة أول من وصلوا إلى المكان وقد منع من الدخول، قام الضابط المتوكل بجولة داخل ذلك الفضاء المتفحم لم يبقى أي شيء، توقف عند مكتب الحسابات بدى له أن المكان كان الأكثر تضررا من الحريق، وقد لاحظ أن الخزانات التي كانت تؤوي دفاتر الحسابات كانت تشكل كومة، كانت الواحدة فوق الأخرى، إستفز المشهد فضول الضابط الذي إنحنى وبدأ يرفع ما تبقى من ألواح تلك الخزانات، إكتشف أنها وقعت على مدفأة كهربائية، فحص المدفأة تبين له أنها في وضع التشغيل كما أنها كانت موصولة بالكهرباء، إستدعى خبيرا لفحص المدفأة (ماتبقى منها) فلم يكتشف بها ما يثير الشبهة، شدد الأوامر بعدم السماح لأي كان بالإقتراب من المكان.
إنتقل المحققون إلى غرفة الحارس وكان السيد شمعون عليل قد أخبر بأن الحارس سافر إلى طنجة، غير أن المحققين فوجئوا بأن غرفة الحارس كانت مقفلة من الداخل وأن النار أتت على ما بداخلها، أمر الضابط بإقتحام الغرفة لم يكن الأمر عسيرا فالباب الخشبي المتفحم صار هشا وتهاوى تحت الضربة الأولى، ظهر على أرض الغرفة رجل مصاب بحروق في أماكن عدة من جسمه، كان جثة هامدة.
عاد الضابط إلى شمعون عليل، طلب منه أن يعاين الجثة، لما رآها قال إنه يظن أنه الحارس في الآن نفسه بدى مستغربا الأمر فالرجل يفترض أن يكون في طنجة، إلتقطت صور للجثة والغرفة وعلى الفور أجرى الضابط الممتاز إتصالا بمفوضية الشرطة مبلغا عن الجثة التي تم إكتشافها، لم يعد الأمر محدودا الآن في حريق إلتهم مخزن للخشب، سار الأمر يتعلق بموت رجل ولذلك يتعين التعجيل بإبلاغ وكيل الملك والوكيل العام.
بدى شمعون عليل متأثرا بكى بكاء شديدا لموت حارس المخزن، كان يعمل عنده منذ عدة سنوات، إنهار شمعون لم يعد يقوى على الوقوف، أصيب بدوار وطلب أن ينقل إلى عيادة طبيبته، تمت الإستجابة للسيد شمعون عليل، في الآن نفسه طلب الضابط الممتاز المتوكل من أحد أعوانه أن يرافق السيد شمعون إلى العيادة، كان على المفتش أن يرصد كل ما قد يصدر عن السيد شمعون وما قد يفيد التحقيق، في الظاهر كان يرافقه لمساعدته.
حضر رئيس المفوضية إلى المكان فور توصله بخبر إكتشاف الجثة، وبعد لحظات إلتحق به نائب وكيل الملك الذي أمر بنقل جثة الرجل إلى مستودع الأموات. عاد الضابط مرفوقا بعميد الأمن هذه المرة إلى مكتب الحسابات في المخزن المحترق، لم يمكن التدقيق من إكتشاف جديد يذكر إلا ما كان من بقعة لماعة وسط أرضية المكتب، إنصرف المحققون ولكن المكان ظل تحت حراسة مشددة.
إجتمع عميد الأمن بالعرائش إلى الضابط الممتاز أحمد المتوكل والمفتشين، أمر بأن يخضع شمعون عليل لإستجواب أولي وأن يتم ذلك فورا، كان القصد رصد ثغرة لتعميق التحقيق حول الحريق وكشف ما إذا كان ذا طابع إجرامي، تم إعتبار شمعون عليل ظنينا ولذلك أوكل إلى أحد المفتشين المحنكين...
يتبع
تعليقات
إرسال تعليق