تتمة القصة 18: أسرار الرماد
أسرار الرماد
الجزء الثاني:
إجتمع عميد الأمن بالعرائش إلى الضابط الممتاز أحمد المتوكل والمفتشين، أمر بأن يخضع شمعون عليل لإستجواب أولي وأن يتم ذلك فورا، كان القصد رصد ثغرة لتعميق التحقيق حول الحريق وكشف ما إذا كان ذا طابع إجرامي، تم إعتبار شمعون عليل ظنينا ولذلك أوكل إلى أحد المفتشين المحنكين مراقبته من بعيد. مكنت المعاينة التي أجراها خبير في الكهرباء من تعزيز فرضية الحريق المتعمد، ذلك أن كومة من الأوراق كانت تحيط المدفأة الكهربائية التي ذابت كل أسلاكها والتي كانت في وضع التشغيل، في الآن نفسه أثبت الفحص الذي أجري لبصمات الجثة أن الأمر يتعلق فعلا بحارس مخزن الخشب، أتناء التحقيق معه قال شمعون عليل أنه أغلق المحل في الرابعة عصرا ولم يتنبه إلى توقيف المدفأة الكهربائية.
كان يقدر الخسائر التي تسبب فيها الحريق بما يزيد عن 100 مليون سنتيم، قال إن المخزن مؤمن ضد الحريق، علم المحققون من المؤسسة البنكية حيث يتوفر شمعون على حساب أن للرجل حسابين أحدهما لا يستعمل إلا ضمن نطاق محدود جدا بيد أن له حسابا في الفرع الإقليمي لتلك المؤسسة عليه دين يفوق 70 مليون سنتيم. إتضح أن السيد شمعون كان عاجزا عن تسديد الدين بيد أن تجارته بدأت تعرف بوادر كساد، السبب في ذلك عازر، إبنه عازر الذي كان ينفق مبالغ هامة في السهرات التي يحضرها أو يقيمها في طنجة أو في إسبانيا التي يتوجه إليها عدة مرات في الشهر.
طلن من شمعون عليل الذي كان تحت المراقبة أن يحضر في الغد إلى مفوضية الشرطة ليوقع على أقواله، حضر شمعون في الموعد ووقع على المحضر، في تلك الأثناء وردت على الضابط معلومة من أحد أقرباء الحارس تؤكد أن الهالك كان ينوي السفر إلى طنجة يوم الخميس ولكنه أرجأ السفر، قرر المحقق أن يسائل شمعون عليل حول تجارته والديون المترتبة عليه، قال إن كل الأوراق المتعلقة بالديون إلتهمتها النيران ومعها دفاتر الحسابات وشيكات تفوق قيمتها 100 مليون سنتيم، صرح شمعون بأن تأمينا بقيمة 300 مليون سنتيم يغطي المخزن المحترق.
صباح الأحد في حدود الساعة العاشرة أوقف شمعون سيارته أمام الفيلا حيث يقطن، ما إن نزل منها حتى خرج ولده عازر مسرعا كانت بيده حقيبة صغيرة، حاول شمعون أن ينزعها منه وهو يقول: لقد ورطتني في قضية خطيرة، ولكن الشاب كان أقوى ظل ممسكا بالحقيبة، إمتطى السيارة ثم إنطلق مسرعا، غير بعيد كان المفتش المكلف بمراقبة شمعون يسمع ويرى إتصل بالعميد وأبلغه بما سمع ورأى، صدر الأمر بإقرفاء سيارة شمعون التي يمتطيها الآن ولده عازر بعد ساعة تبين أنه أخد وجهة مطار طنجة، ركن السيارة في الموقف ثم دلف إلى المطار، قصد شباك التذاكر وطلب تذكرة على متن أوم طائرة تغادر المغرب.
كان الضابط الممتاز أحمد المتوكل قد تلقى الأمر بالتوجه رفقة معاونيه إلى مطار طنجة لمعرفة هذا السفر المستعجل لعازر إبن شمعون عليل. سريعا تم التنسيق مع شرطة الحدود بالمطار، حصل الشاب على تذكرة على متن طائرة كانت ستقلع إلى ملقا بإسبانيا، إنتظر الضابط الممتاز المتوكل لحظة تسجيل المسافرين، تم التنسيق مع مصلحة الجمارك لتفتيش الحقيبة التي يحملها عازر معه، لما حان الموعد إجتاز عازر نقطة شرطة الحدود ولما وصل إلى نقطة الجمارك طلب منه فتح الحقيبة التي بيده كانت تحتوي على شيكات وعلى بوليصة التأمين الخاصة بمخزن الخشب وشيكات لفائدة والده تبين أن قيمتها الإجمالية تفوق 100 مليون سنتيم، لما سؤل إدعى أنه أخذ حقيبة والده خطأ وأنه أسرع إلى المطار لأنه كان على موعد مع شركاء له في ملقا، لم تكن إجابته مقنعة، تم توقيفه وبعد تفتيش السيارة تم العثور على ملفات أخرى وضعت رهن الحجز.
إقتيد عازر إلى العرائش، لما تم تفتيشع عثر في ملابسه على إقرار بدين لفائدة مواطن مغربي يقيم في ملقا وهو بقيمة 20 مليون سنتيم، في جملة ما تم العثور عليه علبة شمع كانت تحتوي على خمس شمعات ولكنها لم تعد تضم سوى أربع، أراد المحققون معرفة السر وراء وجود الشيكات بحوزة عازر والقصد من محاولة السفر بها إلى إسبانيا، تم إستدعاء شمعون الذي كان قد صرح للمحققين بأن تلك الشيكات وأيضا بوليصة التأمين إحترقت في المخزن، ما أن وصل إلى المفوضية حتى وضعت الشيكات والملفات الأخرى وبوليصة التأمين على الطاولة، رأى عازر أن والده في موقف حرج ولذلك فضل الإعتراف، إعترف عازر بأنه هو من أضرم النار في مخزن الخشب، قال إن ديون كثيرة تراكمت على الشركة التي يملكها والده ولذلك فإنه أضرم النار في المخزن على أمل الحصول على تعويض من شركة التأمين، قال أنه لم يكن يعتقد أن الحارس سيذهب ضحية الحريق، كان يعتقد أنه سافر إلى طنجة.
أثبتت التحليلات المخبرية أن عازر إستعمل شمعة في إضرام النار وأن تلك المادة اللماعة في أرضية مكتب الحسابات لم تكن سوى مادة تلك الشمعة، كانت الشمعة التي تنقص من العلبة.
تعليقات
إرسال تعليق