القصة 17: دمالج من نحاس

دمالج من نحاس


القصص التي نقدم لكم هي من صلب الواقع تعمدنا تغيير أسماء الأشخاص و أحيانا الأماكن وإذا ما وقع تشابه أو تطابق في الأسماء أو الوقائع فإنه من باب الصدفة ليس إلا.

دمالج من نحاس

الجزء الأول:

تنقلنا القصة إلى مدينة القنيطرة في أواخر ستينيات القرن الماضي، تحديدا في ربيع العام 1968، إستقبل عميد الشرطة في الدائرة الثانية العميد إدريس العيدي الذي كان يقوم بالمداومة إستقبل امرأة في الخمسين من العمر، قالت إنها جاءت لتبلغ عن عملية إختطاف تعرضت لها إبنتها، أكدت أنها خطفت على متن سيارة أجرة، إستغرب العميد الأمر للحظة إعتقد أن المرأة ربما تعاني من مرض نفساني ومع ذلك قرر أن لا يستهين بالموضوع، طلب من المرأة توضيحات حول إبنتها التي تعرضت للخطف، قالت أنها في الرابعة والعشرين من العم، مطلقة وتعمل خادمة في بيت ضابط أمريكي كان وقتها يعمل في مطار القنيطرة.

حسب العميد العيدي أن الأمر يتعلق بقضية فساد، فقد صرحت الأم بأن إبنتها رَكِبت أو أركبت سيارة أجرة صغيرة، المعلوم أن أي سائق طاكسي لا يمكنه أن يجبر الناس على إمتطاء سيارته، مع ذلك سجل العميد شكاية وإن لم يبدي حماسا كبيرا  إزاءها.

في صبح اليوم الموالي تقدمت إلى الدائرة الثانية البنت التي بلغت والدتها بالأمس عن إختطافها، كانت آثار تعرضها للإعتداء والعنف بادية عليها، قالت إنها جاءت إلى مقر الدائرة الثانية للأمن رأسا من آخر مكان قادها إليه أحد مغتصبيها. تبين للعميد أنه ربما تسرع في الحكم على ما جاء في أقوال والدة تلك الفتاة، ولعله أراد أن يتدارك الأمر، فقد أقام الدنيا ولم يقعدها من أجل الوصول إلى الفاعلين.

 في الساعة السابعة من مساء ذلك اليوم كان أفراد العصابة التي إختطفت وإغتصبت ربيعة كذلك إسمها واقفين أمام العميد الغاضب، توقع أن يعترفوا بسهولة بالمنسوب إليهم ولكن خيبة أمله كانت سريعة ما إضطره إلى تغيير الخطة.

كان زعيم العصابة أول من ألقي عليه القبض، قالت ربيعة أنه كان آخر من إغتصبها، نحى الضنين منحى التمويه، إعترف بأنه واقعها مؤكدا أن ذلك تم بقبولها ورضاها، قال إنها من بائعات الهوى وإنه بعد أن قضى وطره منها دفع لها حين كانت تغادر الكوخ الذي جرت فيه الوقائع، تنبه العميد إلى أن الضنين يحاول الإفلات من جناية الإغتصاب وأنه يحاول في الوقت ذاته أن يجعل ضحيته المفترضة شريكة له في جنحة الفساد.

عُرف عن العميد العيدي خبرته وحنكته فقد كان يعي جيدا أن المحقق الذكي هو الذي يستطيع إستغلال كل الثغرات التي قد تحملها تصريحات أطراف قضية ما، ولذلك نراه قرر الإستماع مجددا إلى واحد من أولائك الأطراف بشكل مدقق ومركز فربما قاد ذلك إلى منفذ لكشف الحقيقة، إستعان بإحدى الكاتبات في إستنطاق الضحية لعلها تبوح بتفاصيل ربما أحرجها التطرق إليها بحظور رجل، وبذلك علم العميد أن الظنين الذي إقتاد الضحية إلى كوخه لم يستعمل أي وسيلة من وسائل الإنارة، لا فانوس ولا شمعة حتى لا تتعرف إليه، قالت في تصريحاتها إنه لمس مجموعة دمالج، سبعة دمالج كانوا في معصمها، قالت إنها دمالج نحاسية وإنه إنتزعها منها. إستوقفت العميد تلك المعلومة فدونها دون أن يضهر إهتماما خاصا بها، جاء في أقوال ربيعة أنها تنفي بشكل قاطع أن تكون رافقت الضنين بمحض إرادتها أو أن تكون تسلمت منه مبلغا ماليا كما يدعي.

طلب العميد إحضار الضنين، لما مّثُل أمامه طلب منه أن يدلي بكل التفاصيل، قال إنه إلتقاها في الشارع وإنها رافقته...

يتبع


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

القصة 19: المحلل يمتنع عن التطليق

القصة 11: ذات الرداء الأبيض

تتمة القصة 10: العم جوزيف النبال