القصة 14: وجها لوجه


وجها لوجه

القصص التي نقدم لكم هي من صلب الواقع تعمدنا تغيير أسماء الأشخاص و أحيانا الأماكن وإذا ما وقع تشابه أو تطابق في الأسماء أو الوقائع فإنه من باب الصدفة ليس إلا.

وجها لوجه

الجزء الأول:

كان ضابط الشرطة عمر بن عبد النبي يرأس فرقة محاربة العصابات الإجرامية بسطات، في ليلة من ليالي صيف العام 2001 في الساعة 02 صبحا وبينما كان يزاول مهامه كالعادة بطريق مراكش أبلغته قاعة المواصلات بتعرض مقهى المسافرين لهجوم من قبل جماعة كان أفرادها مسلحين بالسكاكين، أجبروا صاحب المقهى على إطعامهم كما سلبوا من نزلائها أمتعتهم. ودون تأخر توجه الضابط إلى عين المكان وكان برفقته أربعة عناصر من فرقته.

لما وصلوا وجدوا ستة أفراد من الفرقة الحضرية قد تم إرسالهم للمساعدة، تم الإطباق على أفراد العصابة داخل المقهى بعد أن أغلق المنفذ الوحيد، كانوا محاصرين في الداخل. ولما وصل الضابط عمر نب عبد النبي إلى الباب وجد صعوبة في إقتحامه كما أنه قدر أنه يتعدر إستعمال السلاح في مواجهة أفراد تلك العصابة اللذين إختلطوا بالمسافرين والزبناء، لم يكن من خيار سوى الإشتباك المباشر، بعد خمس دقائق كان رجال الأمن قد تمكنوا من شل حركة ثلاثة من أفراد العصابة، أخرجوهم من المقهى مصفدين.

تبين أنهم كانوا أربعة وقد لجأ الرابع إلى مطبخ المقهى للفرار عبر الباب الخلفي، لاحقه الضابط عمر بن عبد النبي وبينما دخل معد في إشتباك بالأيدي تمكن المجرم من إستعمال سكين كبير كان يحمله، وجه السكين إلى وجه ضابط الشرطة فأصابه في وجهه، فقأ عينه اليسرى، بعد لحظات تم القبض عليه.

نقل ضابط الشرطة إلى مستشفى إبن رشد بالدار البيضاء، ورغم الجهد الذي بذله الأطباء اللذين تمكنوا من إعادة العين إلى محجرها إلا أن الضابط فقد البصر بعينه اليسرى التي لن ترى النور بعد الذي حدث في مقهى المسافرين. 

أثناء محاكمة أفراد تلك العصابة نفى زعيمها أن يكون فقأ عين ضابط عمر بن عبد النبي، تم الحكم عليه بالسجن ستة أشهر لإدانته في الأفعال الأخرى المنسوبة إليه، بينما قضى الضابط نحو عام قيد العلاج، كان يأمل في أن يستعيد الإبصار بعينه اليسرى لكن الجهود التي بذلت لم تثمر.

لم يحل  الضابط على التقاعد ولكن تم تكليفه بمهام إدارية صرفة، عاد الضابط إلى عمله والحسرة تنخره، يرى الضابط عمر أن من تسبب له في فقدان الإبصار بعينه اليسرى لم ينل العقاب الذي يستحق، فكر كثيرا في الإنتقام وبطريقته ولكن رئيسه المباشر كان يحرص في كل مرة على تهدئته والتخفيف عنه، أقنعه بأنه لا ينبغي له أن يضع نفسه في مستوى ذاك المجرم الذي لاشك أنه سيلقى جزاءه في يوم من الأيام، قبل الواقع وراح يقوم بواجبه حيث تخصص في تحرير المحاضر.

مرة ثلاث سنوات على الحادث والمجرم المدكور وإسمه سمير بن عبد السلام الملقب بالشيطان يزداد شراسة ويجوب المدينة شرقا وغربا ينشر الرعب في كل مكان يمر منه ولا أحد يقوى على مواجهته، وقد ساعدته في ذلك الشهرة التي نالها بأنه هو من فقأ عين ضابط الشرطة، وقد سجلت في حقه عدة شكايات حتى إرتفع عدد ضحاياه إلى العشرات وكلما كانت الشرطة القضائية تنصب له فخا إلا وإستطاع الإفلات، كان ذا دهاء، كثيرون كانوا يخشونه ويتقون شروره.

في ليلة مظلمة من ليالي شتاء العام 2004 كانت الأحوال العامة في سطات تعرف هدوء ا، تقرر أن يمنح رئيس الأمن ترخيصا لثلث الموظفين ليأخدوا نصيبا من العطلة تعويضا عن إلتزامهم بالعمل طوال فترة الصيف، وبما أن عدد الضباط لم يكن كبيرا فقد تم توزيع مهام المداومة بين من تبقى منهم وفيهم الضابط عمر بن عبد النبي الذي كان مكلفا بالمداومة في تلك الليلة.

حتى منتصف الليل لم يحدث ما يعكر ذلك الهدوء، إستلقى الضابط على فراشه في مكتبه ولكنه ظل بلباسه وحذائه تحسبا لكل طارئ حرص على أن تبقى مستعدا لكل تدخل محتمل... 

يتبع

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

القصة 19: المحلل يمتنع عن التطليق

القصة 11: ذات الرداء الأبيض

تتمة القصة 10: العم جوزيف النبال