القصة 13: لدغة الآنسة دوس سانتوس
القصص التي نقدم لكم هي من صلب الواقع تعمدنا تغيير أسماء الأشخاص و أحيانا الأماكن وإذا ما وقع تشابه أو تطابق في الأسماء أو الوقائع فإنه من باب الصدفة ليس إلا.
لدغة الآنسة دوس سانتوس
الجزء الأول:
في العاشر من غشت من العام 2001 في حدود العاشرة ليلا وقعت حادثة سير بسلا الجديدة على الطريق المفضية إلى قنطرة سيدي محمد، لم تكن حركة المرور على تلك الطريق بالكثافة التي تعرفها طرق أخرى، أبلغ عن الحادثة من قبل رجل كان يقود سيارته على الطريق الملتوية، شاهد سيارة تزيغ عن مسارها وتهوي إلى أسفل المنحدر.
كان العميد الراجلي عبد الرحمان مكلفا ليلتها بالمداومة، ما أن بلغ مكان الحادثة حتى طلب حضور رجال الوقاية المدنية للبحث عن السيارة وتوفير المعدات الضرورية لعملية الإغاثة، لما وصل المتدخلون إلى السيارة إكتشفوا بداخلها إمرأة كانت ميتة، ملامحها أوروبية، سيارتها مسجلة في إسبانيا، بعد مسح للمكان وتفتيش دقيق للسيارة تم العثور على الحقيبة اليدوية للضحية الآنسة ماريا غونزاليس دوس سانتوس مواطنة إسبانية في مستهل العقد الرابع من العمر، مهنتها صحفية. أبلغ وكيل الملك بالحادثة فطلب من العميد الراجلي الإبقاء على حراسة في المكان إلى الصبح حيث ستنتشل السيارة من المكان السحيق الذي هوت فيه بالبحث بالتالي عن كل ماقد يفيد التحقيق.
وبما أن أسباب الحادثة لم تكن معروفة فقد من الضروري أن تأخد عينة من دم الضحية من قلبها وتحليلها في المختبر للتأكد من نسبة الكحول التي قد تكون في الدم وهو ما سيحدد ما إن كانت الآنسة ماريا غونزاليس دوس سانتوس في حالة سكر وقت الحادثة. نقلت جثة الضحية إلى المستودع البلدي للأموات، وتم إرسال برقية إخبار إلى الإدارة العامة للأمن الوطني إجراء يمليه كون الضحية مواطنة أجنبية فضلا عن مهنتها كصحفية.
سويعات بعد ذلك كانت السفارة الإسبانية بالرباط قد بلغت بالحادث، في الصباح حضر إلى مفوضية الشرطة الملحق الإعلامي بالسفارة الإسبانية وقدم كل المعلومات والبيانات الخاصة بالهالكة، قال إنها كانت تعمل لصحيفة إيل باييس وإن إقامتها في فندق كذى ودكر إسم الفندق الذي كانت تقيم فيه بشكل دائم. أكد الفحص الذي أجراه الطبيب الشرعي لجثة ماريا غونزاليس دوس سانتوس أنها توفيت نتيجة إصابات متعددة وفي جهات مختلفة من الجسم ولعل القاتلة من بينها تلك التي كانت على مستوى الرأس، أكد الفحص الطبي أيضا أن الصحفية الإسبانية فارقت الحياة في حدود الساعة العاشرة من ليلة العاشر من غشت، أكدت نتيجة التحليل المخبري لعينة من دم الهالكة أنها بالرغم من كونها تناولت بعض الخمر في عشائها الأخير فإنها لم تكن لحظة الحادثة في حالة سكر.
في مستودع الشرطة جرى فحص السيارة، تناوب على فحصها عدد من الخبراء ولكنهم حتى ضحى اليوم الموالي للحادثة القاتلة لم يتوصلوا إلى مايفيد بوجود خلل فني ما أدى إلى الحادثة، ومع أن ماسبق لا يتيح مجالا واسعا للتحري فإن العميد الراجلي لم يستبعد من حساباته أيا من الفرضيات فالمنطقة التي وقعت فيها حادثة السير تكون خالية خلال الليل ولذلك فإنه من غير المستبعد أن تكون الضحية تعرضت لإعتداء ما.
غدات الحادثة في الرابعة عصرا عاد الملحق الإعلامي للسفارة الإسبانية إلى مفوضية الشرطة ودقم معلومات إضافية منها أن ماريا غونزاليس دوس سانتوس لم تكن متزوجة، وأنها كانت تقود سيارتها برصانة كما أنها لم تكن كثيرة الخروج ليلا، ولذلك فإنه يتعين التحري حول سبب وجودها على تلك الطريق بسلا الجديدة وفي تلك الساعة من الليل. تعميقا للتقصي طلب العميد من الخبراء فحص الواقية الزجاجية الأمامية للسيارة وكذى العجلات، سريعا جاء الجواب الواقية الزجاجية الأمامية تفتتت بينما إنفجرت إحدى العجلتين الأماميتين، ما كشفه أيضا التحليل المخبري الذي أجري على عينة من دم الضحية أن ماريا غونزاليس دوس سانتوس كانت مصابة بمرض السيدا، لم يتغير مجرى البحث بالرغم من أن مصالح الشرطة إعتبرت المعلومة ذات فائدة، أن يكون شخص مصابا بالسيدا لا يعني أنه مقترف لجريمة ولذلك إكتفى عميد الشرطة بنقل المعلومة إلى النيابة العامة التي أبلغت مندوب وزارة الصحة ليتخد ما يراه مناسبا من إجراء ات.
بعد 48 ساعة حلت بالرباط والدة ماريا لإستلام أمتعة إبنتها تلك التي في غرفتها في الفبدق كما تلك التي بحوزة الشرطة، إفتقدت الأم مذكرة إبنتها ماريا غونزاليس دوس سانتوس قالت إنها لم تكن تفارقها منذ صباها، تم تفتيش الصندوق الحديدي الذي كانت تكتريه في الفندق ولكن لاشيء، وفي محالة للتخفيف من ألم أم الصحفية الإسبانية أمرت شرطة سلا بإعادة تفتيش السيارة كما أعيد مسح المكان الذي سقطت فيه سيارة ماريا، لكن لم يتم العثور على أي شيء، سار دفتر مذكرات ماريا هاجسا يقض مضجع العميد الراجلي.
في اليوم الرابع وأثناء لحظة إسترخاء جاءت فكرة تفكيك كراسي السيارة فقد تكون المذكرة علقت في جهة ما من أرضية السيارة، نهض العميد مسرعا، أمر بتفكيك كراسي السيارة وما كاد المكلف بالمهمة يرفع الكرسي الأمامي حتى ضهر للعميد كيس من الجلد معلق أسفل الكرسي بداخله كانت المذكرة، لم يكن العميد يجيد اللغة الإسبانية، كان سعيدا بإكتشاف المذكرة المفقودة لأن ذلك سيسعد تلك الأم المكلومة والدة ماريا غونزاليس دوس سانتوس، كاد يهاتفها ليزف إليها الخبر ولكن فضوله البوليسي أوحى له أن يتريث إلى أن يعرف ما دونته ماريا قبل موتها في حادثة السير...
يتبع

تعليقات
إرسال تعليق