تتمة القصة 12: شرطي من تطوان
شرطي من تطوان
الجزء الثاني :
لما أنهى الشرطي يوسف كلامه أخبره والي الأمن بأنه إنما إستدعي لتلقي الشكر من والد تلك الشابة التي أنقدها، وأن والدها هو هذا الشخص الجالس أمامه، قام الرجل وعانق الشرطي بحرارة وشكره ثم أدخل يده في جيبه وأخرج ظرفا كان واضحا أنه يحتوي على مكافأة مالية، حين كان الرجل يمد الظرف إلى يوسف كان والي الأمن ينظر إليه بنظرات تأمره بأن يمتنع عن تسلم ذلك الظرف، ولكن يوسف تسلم الغلاف من الرجل، إشتدت أسارير وجه والي الأمن ولكن يوسف تناول قلما ودون فتح الغلاف كتب عليه شيئا ما ثم سلم الظرف إلى الوالي، كان مكتوبا على الغلاف: يحول هذا لفائدة المصالح الإجتماعية.
وبحضور الضيف أثنى والي الأمن على حارس الأمن يوسف بلفقيه وأذن له بالإتصال به كلما دعت الضرورة إلى ذلك، طلب الضيف من والي الأمن أن يأذن ليوسف بمرافقته إلى المصحة لأن إبنته تلح على مقابلة الشرطي الشجاع الذي أنقذها من موت محقق، وافق والي الأمن، ولما دخل يوسف الغرفة التي توجد بها الشابة وقد علم الآن أن إسمها عائشة لاحظ إشراقة وجهها وهي تستقبله، كانت والدتها تتابع من كرسي في زاوية الغرفة هذا اللقاء بين الشرطي وإبنتها وحين إستأذن بالمغادرة رافقته والدة عائشة إلى الباب ودعته إلى الغداء يوم الجمعة المقبل.
مرت الأيام وإكتشف يوسف أنه وقع في حب تلك الفتاة، كما أن عائشة إكتشفت أنها وقعت في حب الشرطي الذي أنقذها، تطورت الأمور إلى مشروع زواج، بدى والدى عائشة وقد بارك المشروع، ولكنهما طلبى منه إستقدام والديه لإتمام العملية، كان طلبا مؤلما وعبء ا ثقيلا على نفس يوسف ولذلك فإنه قصد باب والي الأمن، حاول القائم بشؤون الديوان أن يمنعه ولما تعالت أصواتهما خرج الوالي من مكتبه يستطلع الأمر، إذ ذاك إكتشف وجود الشرطي يوسف بلفقيه بعد التحية أدخله الوالي إلى مكتبه، أبلغه بقصته مع عائشة تلك الشابة التي أنقذها، حدثه عن مشروع الزواج.
رد الوالي بأنه يمنحه رخصة من أربعة أيام لإحضار والديه من تطوان، ولكن الشرطي أجهش بالبكاء، فوجئ الوالي ببكاءه وبعد أن هدأ أخبر يوسف والي الأمن بقصته مأساته. وعد والي الأمن الشرطي يوسف بأنه سيساعده في البحث عن أهله وإنه إلم يوفق فإنه سيكون هو من سيخطب له عائشة بنت رجل الأعمال المعروف الحسين أيت برين، شكر يوسف والي الأمن وغادر مكتبه بعد أن سلمه تلك السلسلة الذهبية التي كانت في عنقه يوم عثر عليه طفلا تائها في باب سبتة، كان يوسف لحظتها مستبشرا ومسرورا.
في اليوم نفسه أمر والي الأمن بإيفاد محقق إلى تطوان لإستجلاء حقيقة الشرطي يوسف بلفقيه كما أمر بإستكشاف الأسر التي لها مواليد بأسماء يوسف إزدادوا في التاريخ المنقوش على السلسلة الذهبية، بعد 3 أيام عاد الضابط الذي أرسل إلى تطوان يؤكد قصة يوسف الطفل الذي فقد بباب سبتة وتربيته في كنف أحد المدرسين الملحقين بمؤسسة خيرية، في الوقت ذاته مكنت التحريات على مصالح الحالة المدنية من إكتشاف العائلة الوحيدة التي ولد لها مولود ذكر سمي بيوسف في نفس التاريخ المنقوش على السلسلة الذهبية، كانت تلك عائلة عبد الرحمان بن عبد الكريم رجل الأعمال المعروف المنحدر من مدينة تطوان.
إستدعى والي الأمن رجل الأعمال إلى مكتبه، سأله إن كان له ولد إسمه يوسف رد بالإيجاب، طلب منه أن يحضره إلى المفوضية وفي الحال إتصل رجل الأعمال بزوجته وطلب منها إستقدام يوسف إلى مفوضية الشرطة، لم يكن رجل الأعمال التطواني يعلم السر وراء ذلك، بعد وقت قصير حلت زوجة رجل الأعمال برفقة ولدها يوسف لمقر الأمن، سأل الوالي إن كان للأسرة ولد آخر إسمه يوسف، إستغرب الثلاثة وردوا بالنفي، لحظتها أخرج والي الأمن من درج مكتبه السلسلة الذهبية التي سلمها إليه حارس الأمن يوسف بلفقيه، وما أن وقع نظر المرأة على تلك السلسلة حتى إضطربت وأغمي عليها لحسن الحظ أنها إستفاقت سريعا.
كانت السلسلة في يدها قالت إنها السلسلة التي كانت في عنق ولدها يونس الذي إختفى في يوم كذى من سنة كدى، كانت العائلة قد تقدمت بمذكرة بحث لم تأتي بأي نتيجة، وفجأة سألت المرأة وبنبرة حادة وأين عثرتم على هذه السلسلة؟ رد والي الأمن بأن على الأسرة أن تتريث وتنتظر بضعة أيام وإن في الأمر ما يبشر بالخير.
في ذلك اليوم أخدت عينات من ريق رجل الأعمال عبد الرحمان بن عبد الكريم، وكان تقنيو مصلحة التشخيص قد أخدوا من قبل عينات من ريق الشرطي يوسف، لاحقا بعد بضعة أيام أثبتت نتائج التحاليل التي أجريت في المختبر الوطني تطابق البصمات الجينية للرجلين. أعد والي الأمن للمقابلة التي ستجمع شمل عائلة عبد الرحمان بن عبد الكريم بإبنها يونس الذي ضاع منها قبل 25 عاما، كان والي الأمن قد أبلغ الشرطي يوسف بالنتائج السارة التي توصل إليها.
في اليوم المعلوم إستدعى عائلة عبد الرحمان بن عبد الكريم، ولما وصلت طلب من إبنها يوسف أن يلتحق بقاعة الإجتماعات، هناك وجد في الإنتظار شابا جلس إلى جانبه، بعد لحظات دعى والي الأمن السيد عبد الرحمان وزوجته إلى الدخول إلى قاعة الإجتماعات، ما إن فتح الباب حتى وقع نظرهما على شابين يجلسان جنبا إلى جنب أحدهما إبنهما يوسف والآخر لم يتعرفى إليه، قال والي الأمن: هذا ولدكما يونس، لكم أن تتصوروا وقع الحدث على الأب والأم. بعد أيام تقرر لقاء بين عائلتي يوسف حارس الأمن (يونس) وعائلة الحسين أيت برين أهل عائشة، تمت الخطبة بعد أشهر أقيم حفل الزفاف، كان يونس مصرا على صرف الحد الأدنى وعلى أن يتم التبرع بما زاد عن الضرورة لفائدة ملجأ الأيتام في تطوان حيث وجد الدفء الذي فقده يوم ضاع في باب سبتة.

تعليقات
إرسال تعليق