القصة 9: علبة عيدان الكبريت
القصص التي نقدم لكم هي من صلب الواقع تعمدنا تغيير أسماء الأشخاص و أحيانا الأماكن وإذا ما وقع تشابه أو تطابق في الأسماء أو الوقائع فإنه من باب الصدفة ليس إلا.
القصة 9: علبة عيدان الكبريت
الجزء الأول:
أثناء التحري حول قضية ما أو جر يمة يتعين على المحققين ألا يغفلوا أي شيء يتم العثور عليه في مسرح الجريمة، وألا يقللوا من شأن أي عنصر مهما بدى تافها.
في مطلع ثمانينيات القرن الماضي حدث بالرباط أن تعرض محل لبيع المواد الغدائية بالجملة لعملية سطو، تم كسر الباب وإقتحام المخزن وإستولى الجاني أو الجناة على مبلغ مالي هام وشيكات، كان المال والشيكات في خزانة حديدية تم تقطيعها بإستعمال نافثة نار: شاليمو، حدث ذلك تحت جنح الظلام. في الصباح لما إكتشف أصحاب المخزن ما حدث بادروا إلى إبلاغ الشرطة.
حضر المحققون إلى المحل وفتشوه بحثا عن بصمة أو دليل يقود إلى الجاني أو الجناة، لم تكن هناك بصمة أو أثر ولما هم المحققون بالإنصراف لاحظ أحد المفتشين وجود علبة لعيدان الكبريت ملقاة على الأرض، أخدها، فتحها كانت فارغة كاد يلقي بها إلى الأرض غير أنه لاحظ وجود أرقام مكتوبة على ظهر العلبة الصغيرة، كانت ستة أرقام بدت رقم هاتف بالدار البيضاء، وكانت الأثر الوحيد الممكن إقتفاؤه حتى الآن.
سلك محققوا الشرطة السبيل الذي يتيحه القانون وإتجهوا إلى مركز الهاتف بالرباط، تمكنوا من تحديد هوية صاحب الرقم الهاتفي المكتوب على علبة عيدان الكبريت، كما إهتدوا إلى عنوانه بالدار البيضاء. إنتقل محققوا الشرطة القادمون من الرباط إلى العنوان المحدد يرافقهم ضابط من الشرطة القضائية بالدار البيضاء، تلافيا لكل عيب مسطري تقرر أن يتم تحرير المحظر بإسم الضابط المرافق.
في العنوان المحدد بالحي المحمدي يوجد دكان يعمل صاحبه في إصلاح أجهزة تبريد محركات السيارات: الرادياتور. طبيعة عمل الرجل تستوجب إستعمال أداة الشاليمو نافثة النار، في المخزن الذي تعرض للسرقة في الرباط كان مفتشوا الشرطة قد تيقنوا من أن الصندوق الحديدي تم تقطيعه بإستعمال الشاليمو نافثة النار وهو مايتقاطع تماما مع طبيعة النشاط الذي يزاوله صاحب المحل الواقفون عنده الآن ولذلك كان من الطبيعي أن يستنطق الرجل.
كان صاحب الدكان رجلا يبدوا من ملامحه أنه في عقده الخامس، كان معتدل القامة يميل إلى البدانة، يقف أمام المحققين بهدوء ينم عن ثقة في النفس. بادره أحد المحققين : هل لنا أن نعلم أين قضيت نهاية الأسبوع ؟: دهبت إلى الصيد رفقة مجموعة من الأصدقاء. الشاليمو نافثة النار التي تشتغل بها هل كانت في الدكان خلال نهاية الأسبوع ؟ بدت على وجه الرجل علامات إستغراب فاجأه السؤال، تدارك فأجاب : كلا لم تكن نافثة النار في المحل نهاية الأسبوع. أين كانت ؟ (سأل مفتش الشرطة ) : كنت أعرتها لصديق لي قال إنه ينوي إصلاح أنبوب ماء في منزله. بدى للمحققين أن الرجل لا يكذب، طلبوا منه أن يزودهم بمعلومات حول صديقه.
لما توجهوا إلى العنوان الذي حصلوا عليه من صاحب محل إصلاح الرادياتور لم يجدوا أحدا في المنزل، كان عليهم أن ينتظروا ويترقبوا. أثناء الإنتظار أصر رئيس فرقة المحققين القادمين من الرباط على التوجه إلى قسم المستندات، هناك تمكن من الحصول على كل المعلومات الخاصة بالمبحوث عنه، كان ذا سوابق، سجن عدة مرات بسبب تورطه في أعمال السر قة ولم يغادر السجن إلا منذ نحو سنة.
أعطت تلك المعلومات شحنة قوية للضابط المكلف بالتحقيق حول سرقة مخزن المواد الغدائية بالرباط، كانت حافزا قويا...

تعليقات
إرسال تعليق