القصة 5: الدكتور أرتور

  

القصة 5: الدكتور أرتور

القصص التي نقدم لكم هي من صلب الواقع تعمدنا تغيير أسماء الأشخاص و أحيانا الأماكن وإذا ما وقع تشابه أو تطابق في الأسماء أو الوقائع فإنه من باب الصدفة ليس إلا.

القصة 5: الدكتور أرتور

الجزء الأول :

على مر العصور ظلت مهنة الطبيب من الحرف التي حضيت وتحضى وستحضى بإحترام الناس، لأنها مهنة نبيلة تخلص المرضى من آلامهم، وتنقض الأرواح، وكثيرا ما غيرت مجريات الحياة لدى أسر عديدة. هذه النظرة إلى الطبيب لا تختلف في مدينة سيدي قاسم في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، خلال تلك الحقبة كان أجانب كثيرون يفدون على المغرب للعمل في إطار التعاون بين المملكة وبلدانهم، كان كثير من الأجانب من الفرنسيين خاصة يعملون في التعليم وفي قطاع الصحة وفي مجالات أخرى. 

الشركة الشريفة للبترول من المؤسسات الحيوية في سيدي قاسم حيث توجد مصفات لتكرير البترول، كانت الشركة توفر لمنتسبيها من أطر وعمال خدمات عدة من بينها توفير طبيب يتولى الرعاية الصحية للعمال وأفراد عائلاتهم، كان للشركة طبيب ظل في الخدمة عدة سنوات لكنه أحيل على المعاش وإضطر إلى الإلتحاق بأسرته بالدار البيضاء، كثيرون هم اللذين لم ينسوا الدكتور جون لوي. ظل المنصب شاغرا لفترة، وذات يوم إلتحق بالشركة الشريفة للبترول الطبيب الجديد، إسمه أرتور، الدكتور أرتور ماسكا رجل في منتصف العمر بدأ الصلع يزحف على أم رأسه، لم يكن يبدوا في أتم عافيته.

تولى الدكتور أرتور ماسكا العناية الصحية بأطر وعمال الشركة الشريفة للبترول وأفراد عائلاتهم، يقصده هؤلاء كلما أحسوا بألم مهما كان بسيطا فالرجل الذي لا يتجرد من وزرته البيضاء هو الطبيب الذي يخلصهم من الألم ويستطيع فك تعقيدات أحوالهم الصحية. كان للدكتور أرتور سكن وظيفي فيلا مفروشة وسيارة خدمة فضلا عن أجرة شهرية تفوق ما تخيله، كان تحت إمرته ممرض وبضع ممرضات وقابلة متخصصة.

مع مرور الأيام لاحظ مساعدوا الدكتور أرتور أنه لم يكن يستقبل مرضاه إلا بحظور الممرضة إذا كان الأمر يتعلق بفحص عادي، وحين يتعلق الأمر بإمرأة حامل فإنه لا يفحصها إلا بحظور القابلة. كان الطبيب أرتور يتدرع بكونه لا يعرف اللغة العربية، ولكن الذي لاحظه أعوانه أنه لا يصف لمرضاه دواء إلا بعد أن توافق عليه الممرضة أو القابلة، تفانى كل الأعوان في خدمة الطبيب لجعله يندمج في محيطه الجديد فالرجل لم يكن قد زار المغرب من قبل.

لم يقم الدكتور أرتور ولا مرة واحدة بوصف دواء لمريض دون العودة إلى معاونيه، ولذلك فإن تساؤلات كثيرة بدأت تتسرب إلى أذهان العاملين في محيطه. ذات مرة حظر إلى العيادة عامل من عمال الشركة الشريفة للبترول، كان الرجل يشكوا ألما في البطن، بعد أن فحصه أراد أن يصف له دواء طلب من الممرضة رأيها كانت قد توصلت قبل يومين بعينات من دواء جديد من تلك العينات المجانية التي تقدمها شركات صناعة الأدوية للترويج لمنتوجاتها، إقترحت الممرضة أن يوصف ذاك الدواء للمريض ولم تكن قد قرأت بعد تركيبته ولا دواعي إستعماله، بعد أن خرج المريض راجعت الممرضة ورقة البيانات الخاصة بالدواء، كان نوعا جديدا من حبوب منع الحمل، تكتمت على الأمر، سار الآن شبه يقين شكها في مؤهلات الدكتور أرتور.

بعد يومين حظر لدى الدكتور مريض آخر، كان يشكوا من ألم في الأمعاء، أرادت الممرضة أن تختبر الدكتور أرتور الذي ما إن سألها عن الدواء الدي تقترحه للمريض حتى ناولته علبة أقراص منع الحمل، إمعانا منها في إختبار الدكتور ناولته أيضا ورقة البيانات المتعلقة بذاك الدواء، قال الطبيب أرتور إن الدواء يلائم فعلا حالة المريض. تيقنت الممرضة من أن ليس للدكتور أرتور أدنى إلمام بمجال الطب، أبلغت زميلاتها بالذي عاينته، وصرن تلازمنه وتراقبن أفعاله، مرات كثيرة إستفسرنه عن أمراض وأدوية لم يجب ولا مرة واحدة بما يقنع.

شاعت أخبار الدكتور أرتور في مكاتب الشركة الشريفة للبترول، ولكن المسؤول الإداري كان يرد بأن أرتور ماسكا إنما تم توظيفه بعد أن درس الرئيس المدير العام للشركة ملفه، والرئيس المدير العام نفسه طبيب مارس الطب وتولى مناصب المسؤولية في قطاع الصحة العمومية، لا قرار على مستوى الإدارة ولذلك ظل أرتور ماسكا طبيب الشركة الشريفة للبترول في سيدي قاسم.

ذات مساء أحضرت إلى المصحة سيدة حامل بعد أن جاءها المخاض، كان على الطبيب أن يساعدها على الوضع...

يتبع...


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

القصة 19: المحلل يمتنع عن التطليق

القصة 11: ذات الرداء الأبيض

تتمة القصة 10: العم جوزيف النبال