تتمة القصة 5: الدكتور أرتور


تتمة القصة 5: الدكتور أرتور

الجزء الثاني والأخير :

 ذات مساء أحضرت إلى المصحة سيدة حامل بعد أن جاءها المخاض، كان على الطبيب أن يساعدها على الوضع، طلب القابلة لم تكن موجودة، فإضطر إلى أن يواجه الحالة بمفرده، عدة ساعات حاول، اللحظات الثمينة تمر حالة المرأة تزداد سوء ا، في تلك الأتناء حضر الممرض إلى المصحة جاء ليستأنف عمله بعد أن إنقضت عطلته، لما عاين ما يجري نصح بنقل المرأة إلى المستشفى البلدي حيث يعمل طبيب مغربي مشهود له بالكفاءة. 

كانت الفكرة التي لم يستطع أرتور ماسكا أن يهتدي إليها. نقلت المرأة في حالة صحية مزرية، في المستشفى البلدي أنقذ الطبيب المغربي حياتها وحياة وليدها. ما أن تم التأكد من أن السيدة جاوزت مرحلة الخطر حتى دعى الطبيب المغربي الدكتور أرتور إلى الإلتحاق به في مكتبه، هناك في غفلة منه دقت ساعة الحقيقة. بادر الطبيب المغربي من يفترض فيه أن يكون زميله في الحرفة بالسؤال عن ماقام به لإعداد المرأة للوضع، إرتبك أرتور وإزداد وجهه شحوبا، إتخد سبيل ذاك الشعار الذي يقول الهجوم أفضل وسيلة للدفاع، دون مقدمات بدأ يصرخ يهدد برفع دعوى ضد الطبيب المغربي لمتابعته بتهمة الطعن في مؤهلاته العلمية، الهجوم أفضل وسيلة للدفاع كثيرون من يرون ذلك ولكن الأمر لا يستقيم في كل الحالات.

كان الطبيب المغربي في حالة غضب شديد، كان كاتما لغضبه وهو يسأل الدكتور أرتور، كانت المرأة التي وضعت قبل ساعة على شفى الهلاك، ولذلك لما بدأ أرتور يصرخ لم يتمالك الطبيب المغربي نفسه فأمسك بخناقه، جحضت عينى أرتور، كاد يختنق لما أرسله الطبيب المغربي. كانت حادثة مدوية، والواقع أن أصداء ما كان يقوم به أرتور ماسكا طبيب الشركة الشريفة للبترول كانت تتناهى إلى علم السلطات العمومية، ولكن أي وقائع لم توفر ماقد يبرر التدخل.

بعد حادثة المستشفى البلدي فقط تبين لإدارة الشركة الشريفة للبترول أن الأمر يتطلب إتخاد قرار لا يحتمل أي إنتظار، تقرر الإستغناء عن خدمات الدكتور أرتور، لكنه بعد أن بلغ القرار طالب بالتعويض عما إعتبره تسريحا تعسفيا. ولما طولب بإخلاء المكتب الذي كان يشغله في المصحة إرتكب الخطأ الذي سيوقعه في الشباك. فقد قام بالإستيلاء على معدات طبية ذات قيمة وعلى كمية هامة من الأدوية، وضع ما إستولى عليه في حقيبته، محطة القطار كانت قريبة فتوجه إلى الرباط.

إثر ذلك تقدم المسؤول الإداري للشركة الشريفة للبترول بشكاية في الموضوع لدى مصلحة الأمن في سيدي قاسم. كان الأمر يتطلب تحركا سريعا، وبينما كان القطار الدي إمتطاه أرتور ماسكا يسير بإتجاه الرباط سبقته برقية لمصلحة الأمن في سيدي قاسم تطالب بتوقيفه وتسليمه. بعد بضع ساعات تم إحضار أرتور وحقيبته السوداء. لم يتوفر للشرطة القضائية مايكفي للتحقيق معه حول مؤهلاته العلمية والمهنية، كان على عميد الشرطة في سيدي قاسم أن يحدث لدى الرجل صدمة ما، فقد أمر بأن يتم إفراغ الحقيبة السوداء من كل محتوياتها ودفعة واحدة على المكتب حتى يرى الجميع ما كانت تحتويه.

في تلك الكومة من الأشياء كل وسائل الإثبات التي تدين أرتور ماسكا، كانت في الكومة المعدات الطبية التي سطى عليها من مصحة الشركة، كان هناك أيضا جواز سفره الذي يؤكد أنه لم يكن طبيبا، أكثر من ذلك إستخرج عميد الشرطة من الكومة خاتم كلية الطب في إحدى الجامعات الأوروبية الشهيرة. كان أرتور ماسكا ينظر في صمت إلى الكومة لم يقوى على الكلام.

سيعترف لاحقا بأنه لم يكن طبيبا، كان نزيلا في أحد المستشفيات ببلده حيث كان يعالج من سرطان الدم، من حين لآخر كان يساعد المرضى من المسنين على النهوض أو التمشي في الغرفة التي كان يتقاسمها معهم. ذات يوم قرأ في إحدى الصحف إعلانا: مطلوب أطباء للعمل في المغرب. كان من اللذين يعتقدون وقتها لجهلهم أن المغرب بلد قفر. خطر بباله أن يحاول الظفر بواحد من تلك المناصب المعروضة، كان على علاقة بشخص يعمل في تزييف الأختام، صاغ له طابع كلية الطب في إحدى كبريات الجامعات بالغرب الأوروبي، زور له أيضا مطبوعات شهادة الدكتوراه في الطب، كتب إسمه وختم نسخة منها.

كانت الشهادة ضمن وثائق الملف الدي تقدم به أرتور لدى إدارة الشركة الشريفة للبترول. دون تدقيق فالرجل تثبت وثائقه أنه طبيب، تم تعيين أرتور ماسكا الخمسيني ذي الوجه الشاحب طبيبا مكلفا بالرعاية الصحية لأطر وعمال الشركة الشريفة للبترول في سيدي قاسم. سقط عنه القناع. كان يحمل معه أدلة إدانته وعلى أساسها تم تقديمه للمحاكمة، لم يكن أرتور ماسكا دكتورا ولا طبيبا كان محتالا.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

القصة 19: المحلل يمتنع عن التطليق

القصة 11: ذات الرداء الأبيض

تتمة القصة 10: العم جوزيف النبال