تتمة القصة 3 : سر منتزه ساحة النصر
الجزء الثاني والأخير :
أمر رئيس الأمن الإقليمي بإحضار الملف من الأرشيف.طوال تلك السنين الماضية لم يظهر أثر لولد رضوان الجيراني الذي تم الإبلاغ عن إختطافه. تحكي صفحات الملف أن رضوان الجيراني أبلغ عن تعرض إبنه القاصر عادل الجيراني للخطف أمام باب المدرسة لاشيء آخر. كان رضوان الجيراني موظفا رفيعا في وزارة الدفاع الوطني، ولذلك فإن الموضوع أحيط بإهتمام غير مسبوق، خلال الشهرين اللذين أعقبى عملية الخطف التي تم الإبلاغ عنها ظلت فرق من رجال الشرطة ترابط عند باب مدرسة عادل، ثم تم توسيع المراقبة إلى مختلف المدارس. رئيس الدائرة الثالثة للأمن في الرباط وهو الآن رئيس الأمن الإقليمي يتذكر أن كل الجهود التي قام بها للكشف عن مآل عادل الجيراني لم توفق، وأنه قرر أن يوسع دائرة التحقيق لتشمل والد الطفل المختطف رضوان الجيراني وأم الطفل زوجة الجيراني والمعلمين في مدرسته وخاصة معلمته والجيران، لم يأتي التحقيق بشيء يدكر إلا إصرار معلمة عادل على أن الفتى لم يحضر يوم إختفائه إلى المدرسة، تغيب عن الفترة الصباحية ولم يحضر في المساء. كانت سجلات الغياب حجة دامغة.يذكر عميد الشرطة أن رضوان الجيراني حال بينه وبين الوصول إلى أم الطفل المفقود. أبلغ الوكيل العام للملك الذي لم يمانع في إحضار زوجة الجيراني إلى مفوضية الشرطة لإستجوابها أو الإنتقال إلى منزلها. تحرك العميد رفقة مجموعة من أعوان الأمن إلى المنزل ولكن الزوج إدعى أن زوجته غير موجودة في البيت. في اليوم الموالي تلقى عميد الشرطة رئيس الدائرة الثالثة بالرباط مكالمة هاتفية من ديوان المدير العام للأمن طلب منه الحضور، لم يتأخر وما أن مثل أمامه حتى إنهال عليه بوابل من التوبيخ وإتهمه بالتطاول على موظف رفيع الرتبة في وزارة الدفاع. إكتفى العميد بالإصغاء، ولما عاد إلى دائرته قرر أن يرد بتقرير مكتوب يفسر فيه حيثيات تحركاته. ما إن وصل التقرير إلى المدير العام للأمن حتى أصدر أمرا بتنقيل عميد الشرطة من الرباط إلى وجدة ودون أن توكل إليه مهمة كان ردا صاعقا. حدث ذلك قبل سنين طويلة ومنذ ذلك الحين فضل عمداء الأمن اللذين تعاقبوا أن يجتنبوا ملف إختفاء عادل الجيراني. لم يعد أحد يسأل عنه وطواه النسيان أو كاد.
حاول العميد الإقليمي للأمن أن يكتشف رابطا ما بين إختفاء عادل الجيراني وإستماتة الجمعية التي يرأسها والده في الإعتراض على مشروع منتزه ساحة النصر. رابط وحيد يبدو للوهلة الأولى الشقة التي كانت تقطنها أسرة الجيراني كانت تطل عليه، فأسرة الجيراني لم تعد من سكان ذلك الحي مند زمن، إصرار رضوان الجيراني على تصدر المدافعين عن ذلك الحي ومصالح سكانه من الأمور التي تبعت على التساؤل. يرأس الجيراني الجمعية التي رفعت شعار الدفاع عن البيئة للإعتراض على مشروع ساحة النصر، ينفق عليها من ماله الخاص ويلح على أعضائها من المتقاعدين في الحضور بعد كل صلاة عصر إلى الركن المعلوم في منتزه ساحة النصر. مع مرور الوقت سار ذلك الركن يشبه زاوية من الزوايا الدينية يداوم المجتمعون بالمكان على قراءة القرآن وأذكار مختلفة ولا يتفرقون إلا بعد صلاة المغرب.
تزايدت شكوك العميد الإقليمي تبدى رابط ممكن بين داك الركن من ساحة النصر وإختفاء الطفل عادل الجيراني ذاك العاشر من أبريل من العام 1970. قرر العميد أن ينصب فخا للجيراني، إختار فرقة من الشرطة القضائية وعهد إليها بمراقبة رضوان الجيراني و أصحابه، وما أن أبلغ أنهم حلوا بركنهم المألوف، قصد هو إلى محل سكن الجيراني، طرق الباب ولما فتحت الزوجة قدم نفسه أنه زميل سابق لرضوان وأنه طلب منه أن يمر إلى هنا ليبلغها بأنه في إنتضارها في الروضة. بعد دقائق غادرت المرأة البيت إستقلت سيارة أجرة وقصدت وسط المدينة. كانت سيارة للشرطة تقتفي أثرها، إنتهت الرحلة إلى ساحة النصر، دخلت الحديقة. فوجئ زوجها بوجودها في المكان وكانت الشرطة قد دست هناك عدة ميكروفونات لتسجيل الحديث الدي دار بين الجيراني و زوجته، وفي لحظة أمر العميد الإقليمي بإطباق الفخ على الزوجين. إقتيدت الزوجة إلى سيارة الشرطة هناك سألها ضابط عن سبب وجودها في الحديقة قالت إن زوجها أرسل في طلبها زميلا سابقا له، كان العميد قد سجل الحديث الدي دار بينه والمرأة، شغل الضابط الشريط زوجها طلب منها الإلتحاق به في الروضة، لم يدكر عنوانا ولا قال الحديقة، طوقتها الأدلة والحجج فإنهارت. دقت لحظة البوح والإعتراف.
قبل 15 عاما في 9 أبريل من العام 1970 أي يوما واحدا قبل الإبلاغ عن إختفاء الطفل عادل لم تتمكن من الإستيقاض كانت مريضة يومها، وكان على عادل أن يدهب إلى المدرسة، كان طفلا يعاني من التبول الليلي اللاإرادي، كان على والده يومها أن يتولى نظافته، فعل ولكنه لم يتوقف عن توبيخ الفتى وضر به. سقط الطفل وإر تطم رأسه بالأرض بدى وقد أغمي عليه. نهضت الأم للمساعدة حاولت أن توقفه ولكنه كان قد فارق الحياة. كذلك قالت الأم في إعترافاتها، أضافت سعى رضوان إلى تهدئتها و إشراكها في البحث عن مخرج من الورطة، تم الإتفاق على د فن الطفل في الحديقة المجاورة، تم ذلك في الليل، وفي الصباح قصد الجيراني الدائرة الثالثة للشرطة ليبلغ عن عملية إختطا ف مزعومة.
كان رجال الشرطة قد أبقوا على رضوان الجيراني في مكانه، تم إدراج إعترافات زوجته في محضر وقعته ثم إقتيدت إلى حيث زوجها. كان صامتا مطرقا، فاجأه عميد الأمن الإقليمي بسؤال : أهنا دفنت إبنك عادل؟ نظر الجيراني إلى العميد تذكره الآن، أمر العميد إثنين من فرقته بالشروع في الحفر، لم يكن له بد من الإعتراف. توقف الحفر إلى حين صدور أمر من النيابة العامة . نعم هنا د فن الجيراني إبنه عادل الذي قت له خطأ، أخرج الملف إستكمل البحث ووضعت التقارير وتمت إحالة رضوان الجيراني وزوجته على المحكمة بتهمة الضرب المفضي إلى المو ت دون نية إحداثه، إستفاد الجيراني وزوجته من تقادم القضية التي مر عليها أكثر من خمس سنوات. نجى الجيراني لكن شبح ولده القت يل ظل يلاحقه.

تعليقات
إرسال تعليق