القصة 3 : سر منتزه ساحة النصر

 

القصة 3 : سر منتزه ساحة النصر

القصص التي نقدم لكم هي من صلب الواقع تعمدنا تغيير أسماء الأشخاص و أحيانا الأماكن وإذا ما وقع تشابه أو تطابق في الأسماء أو الوقائع فإنه من باب الصدفة ليس إلا.

القصة 3 : سر منتزه ساحة النصر

الجزء الأول :

في سجلات الإجتماعات التي إنعقدت في مقر عمالة الرباط يستوقفنا إجتماع ترأسه عامل المدينة في 18 ماي 1985، حضر رئيس المجلس البلدي للرباط وعدد من أعضاء المجلس إلى جانب الوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف ورئيس الأمن الإقليمي. ما ميز هذا الإجتماع أنه بحث مشروعا كبيرا سيقام في حي أكدال، حيث يعرض المجلس البلدي للرباط إقامة مركب إداري وإجتماعي يضم مفوضية للشرطة ،ومستوصفا، ومقاطعة حضارية، ومنشأت تابعة لوزارة الشبيبة والرياضة و أخرى لوزارة المالية ومرافق أخرى.

تقرر أن يقام هذا المشروع الكبير في المساحة التي يشغلها منتزه ساحة النصر. حينما عرضت الميزانية المرصودة لبناء هذا المركب للتصويت صادق عليها أعضاء المجلس البلدي للرباط بالإجماع، لم يكن ليغيب عن أحد من الأعضاء ما سيعود به هذا المشروع على حي أكدال والرباط. ولم يكن يخطر ببال أحد أن تعارض جهة ما هدا المشروع ولكن ظهر من يعارض بناء هدا المركب، جمعية لحماية البيئة تأسست قبل أشهر، أعلنت معارضتها بل جعلت من الملف مطيتها في معركة ظاهرها الغيرة على البيئة والدفاع عنها وباطنها شيء آخر.

ظهرت جمعية حماية البيئة بعد أن كانت صفقة بناء المركب قد رست على مقاولة مغربية كبرى، طلب منها أن تبدأ في إنجاز المشروع. طبيعي أن تثير هذه المعارضة قلق السلطات المحلية في الرباط خاصة وأن الجمعية إنتقلت سريعا إلى الفعل الميداني، وإعتصم عدد من أفراد مكتبها داخل منتزه ساحة النصر، وصموا أذانهم عن كل ماقد يقنع بجدوى المشروع وأهميته.

تمت الدعوة إلى إجتماع جديد، طلب العامل من الحضور مناقشة المسألة في عمقها و أبعادها المختلفة. قدم رئيس المجلس البلدي للرباط عرضا فصل فيه أهمية المشروع والمراحل التي قطعت في سبيل إنجازه وطالب بتسخير القوة العمومية لإخلاء المكان وتمكين المقاولة الموكول إليها البناء من الشروع في العمل. الوكيل العام للملك لدى إستئنافية الرباط وهو الذي يؤول إليه الأمر بتسخير القوة العمومية أبدى تحفظه، فإستعمال القوة يجب أن يسبقه بحث للشرطة. إعتبر الموقف إحالة للموضوع على رئيس الأمن الإقليمي الذي كان حاضرا وطلب مهلة أسبوع لإعداد تقرير مفصل حول هدا الموضوع. إنفض الإجتماع وتم الإتفاق على ال28 من مايو موعدا للإجتماع المقبل. السلطات العمومية في الرباط تواجه تحديا حقيقيا.

ما إن عاد رئيس الأمن الإقليلي إلى مكتبه حتى إستدعى رئيس مصلحة الإستعلامات العامة التابع له، وأمره أن يجري تحقيقا حول مشروع منتزه ساحة النصر وما إذا كان يسبب ضررا ما للسكان. لم ينس أن يحدد مسارا ثانيا للتحقيق أمر أن يتركز على تلك الجمعية الإكولوجية التي تسعى إلى إجهاض المشروع. يجب أن تخرج إلى دائرة الضوء كل المعطيات التي تتعلق بأعضائها. بدى رئيس الأمن الإقليمي وقد إنخرط في سباق ضد الساعة عليه أن يقدم تقريره خلال أسبوع، لقد وعد بدلك وعليه أن يكون في الموعد.

بعد ثلاثة أيام جاء رئيس مصلحة الإستعلامات العامة يحمل لرئيس الأمن الإقليمي تقريره حول الجمعية الإكولوجية التي تعارض مشروع مركب منتزه ساحة النصر، جاء في التقرير أن الجمعية تأسست قبل 3 أشهر، وأن مكتبها يضم مجموعة من المسنين من سكان الحي عدى رئيس الجمعية فإنه من السكان السابقين ومع ذلك فإنه يبدو الأكثر حماسا في معارضة المشروع.

كان رئيس الأمن الإقليمي يجول بنظره في التقرير حين إستوقفه إسم رئيس الجمعية:رضوان الجيراني. كتب رئيس الإستعلامات العامة أن رضوان الجيراني نصب نفسه مدافعا عن مصالح الحي وأنه يحرك جماعة من المتقاعدين يتخدون من زاوية في منتزه ساحة النصر منتدى لهم يلتقون فيه كل يوم بعد صلاة العصر. رضوان الجيراني لم يكن إسما غريبا على رئيس الأمن الإقليمي ولكنه لا يذكر على وجه التدقيق أين صادفه، لذلك طلب موافاته بكل المعلومات التي تخص هدا الرجل الذي يتحدى السلطات المحلية للرباط.

اللذين خبروا دواليب الإدارة يصرون وهم صادقون على أن الورق لاينسى ما يكتب عليه، صدق القول، في أرشيف الأمن الإقليمي بالرباط مايكفي من المعلومات لمعرفة من يكون رضوان الجيراني. لقد كان رئيسا لقسم المالية في وزارة الدفاع الوطني، تذكر رئيس الأمن الإقليمي وكان يشغل وقتها منصب رئيس الدائرة الثالثة للشرطة بالرباط أن رضوان الجيراني تقدم لدى الدائرة ببلاغ حول تعرض إبن له للخطف، كان دلك في العام 1970 في 10 أبريل على وجه التحديد.

أمر رئيس الأمن الإقليمي بإحضار الملف من الأرشيف.

يتبع...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

القصة 19: المحلل يمتنع عن التطليق

القصة 11: ذات الرداء الأبيض

تتمة القصة 10: العم جوزيف النبال