القصة 2 : سيارة العميد المتقاعد
القصة 2 : سيارة العميد المتقاعد
القصص التي نقدم لكم هي من صلب الواقع تعمدنا تغيير أسماء الأشخاص و أحيانا الأماكن وإذا ما وقع تشابه أو تطابق في الأسماء أو الوقائع فإنه من باب الصدفة ليس إلا.
سيارة العميد المتقاعد الجزء الأول
في أواسط السبعينيات و في تمانينيات القرن الماضي إتسع ولع الناس بسيارة ال 240، كانت علامة للفخامة و الأبهة ولكن أيضا علامة السيارة المتميزة بقدرتها على التحمل، إلى يومنا هذا مازالت ال 240 العمود الفقري لسيارات الأجرة الكبيرة في كل أنحاء المغرب حواضره وقراه.
في أواسط السبعينيات و مطلع التمانينيات جرى تدوين أعداد كبيرة من تلك السيارة التي كانت تستقدم من مختلف أنحاء أوروبا،
وظل كثير من الناس يحتفضون بها سنين طويلة يستعملونها و يتخدونها عنوانا لنوستالجيا شخصية، كثيرون يرون فيها شبابهم الذي لم يكونوا يريدونه أن يمضي و يفنى. أحد هؤلاء العميد المتقاعد عبد الحكيم الدياني، الرجل الذي دشن العقد السابع من عمره منذ ثلاثة أعوام، يقطن رفقة أسرته في حي بئر الرامي بمدينة القنيطرة، هناك بنى بيته الذي يعتبره حصاد 35 سنة من العمل في الشرطة القضائية، عمر آخر عمل فيه في مختلف مدن المغرب.
إنه يحتفض أيضا بسيارة مرسيدس 240، سيارة أنيقة بلون أصفر مميز. لم يكن العميد المتقاعد يستعمل سيارته إلا في تنقلاته خارج القنيطرة ما عدا ذلك فإنه كان يفضل قضاء مآربه في المدينة راجلا أو مستقلا وسائل النقل العمومي من طاكسيات و حافلات.
حياة العميد المتقاعد لم يدب إليها الخمول بعد، من اللحضات الأجمل في حياته تلك التي يعتني فيها بسيارته. في ليلة الثاني من يوليوز ركن العميد المتقاعد عبد الحكيم الدياني سيارته غير بعيد من منزله، طاف حولها تيقن أن الأبواب و النوافد مغلقة ثم دلف إلى منزله، قبل أن يدخل إلتفت و ألقى إليها بنظرة أخرى.
في الصباح إستيقض كعادته باكرا، خرج يريد إلى السيارة و لكنه فوجئ بأنها لم تعد في المكان حيث ركنها في الليل، بحث في الجوار وفي جوار الجوار، لا شيء لقد إختفت، ال 240 سر قت.
أسرها العميد المتقاعد في نفسه و حرص على ألا يفقد هدوئه ثم قصد إلى مفوضية الشرطة التي يتبع محل إقامته لنفوذها، في المفوضية كثيرون هم اللذين يعرفون العميد عبد الحكيم، عدد منهم إشتغلوا معه في مناسبات عدة وآخرون سمعوا عنه، لم يكن غريبا في المفوضية. إستقبله ملازم سبق أن إشتغل معه، دون ما إنتضار أدخله إلى مكتب العميد، حكى له قصته، أمر الملازم بأن يأخد العميد المتقاعد إلى مكتب الإبلاغ عن السرقات للإدلاء بأقواله. وجد العميد عبد الحكيم نفسه أمام شابة تشغل المكتب بمفردها، أمامها آلة كاتبة تذكر الناظر إليها بحقب غابرة، وتذكر الوافد على المكتب بأنه في ضيافة الشرطة القضائية.
إستقبلته الشابة بما يليق بعميد سابق من إحترام، طلبت منه أوراق السيارة ثم شرعت ترقن على الآلة الكاتبة، تتوقف من حين لآخر لتوجه إليه سؤالا ثم تدون إجاباته. حرص العميد المتقاعد أن يقرأ المحضر بكثير من التدقيق، وجده مستوفيا كل الشروط، إعتذر للشابة التي حسبها كاتبة، أخبرته أنها مفتشة شرطة من فوج تخرج حديثا وأنها تعمل في هذه المفوضية منذ عامين. همس العميد المتقاعد في نفسه الحياة لا تتوقف تتغير بإستمرار. أثناء تبادل أطراف الحديث معه أبلغته أنها منذ بدأت تعمل في هذه المصلحة لاحظت أن عددا من السيارات المسروقة في الليل يتم العثور عليها في غضون أسبوع وإلا فإنها تختفي نهائيا، ولكن كل سيارات ال 240 تختفي نادرا ما يضهر لها أثر.
كان للخبر وقع الصاعقة على عميدنا المتقاعد، لقد أدرك أن الشرطة لن تتفرغ للبحث عن سيارته، ولذلك قرر أن يدلي بدلوه وأن يحك جلده بظفره ويوظف خبرته الطويلة في البحث عن سيارته ذات اللون الأصفر المميز.
يتبع....

تعليقات
إرسال تعليق