القصة 1 : عودة مهاجر
القصص التي نقدم لكم هي من صلب الواقع تعمدنا تغيير أسماء الأشخاص و أحيانا الأماكن، فإذا وقع تشابه أو تطابق في الأسماء أو الوقائع فإنه من باب الصدفة ليس إلا.
القصة 1 : عودة مهاجر
الجزء الأول :
صباح 18 يوليوز 2004 حطت طائرة في مطار محمد الخامس بالدار البيضاء،كانت رحلة قادمة من أوطاوا بكندا و على متنها عدد كبير من المسافرين.لا شيئ كان غير طبيعي على متن الرحلة، تقدم المسافرون إلى شباك شرطة الحدود لإكمال الإجراء ات الخاصة بالدخول إلى الأراضي المغربية، من بينهم شاب ذو ملامح عربية قدم جواز سفره الكندي إلى موظف الأمن إسمه إدريس العلمي.
كان الشاب واقفا في هدوء،نظر إليه الشرطي من وراء زجاج الشباك، أعاد النظر مرة أخرى، كان الشاب واقفا لم يتحرك. على شاشة الحاسوب وما إن نقر موظف الأمن إسم إدريس العلمي حتى ظهرت إشارة تقول إن الشخص صاحب الإسم مبحوث عنه. حرص مسؤول الأمن على التدقيق أكثر في هوية هذا الشخص قبل أن يعمد إلى أي إجراء،ولكنه تيقن في النهاية أن صاحب الإسم مبحوث عنه.
ـ سيد إدريس العلمي
ـنعم ( رد الشاب بنبرة متأدبة)
ـ هل لك أن ترافقني إلى هذا المكتب (وأشار إلى باب مجاور)
لم يمانع الشاب. في المكتب المجاور كان ضابط أمن.
ـ ما الأمر (سأل الضابط)
ـ سيدي حينما قمت بعملية تنقيطه ظهر أنه مبحوت عنه.
ثم ناول الشرطي الضابط جواز السفر الكندي الذي يحمل إسم إدريس العلمي. إنسحب الشرطي وأغلق الباب.
ـ إجلس (قال الضابط لإدريس العلمي)
جلس الشاب صامتا. قام الضابط بنقر الإسم على لوحة مفاتيح حاسوبه.
ـ إدريس العلمي إنك مطلوب منذ 5 سنوات.
بضع أسئلة طرحها الضابط بينت أن الشاب إدريس العلمي مبحوث عنه في قضية سرقة جواز سفر. ثم نقل المتهم إلى مقر المصلحة الولائية للشرطة القضائية بالدار البيضاء. فالموضوع يقتضي المزيد من البحث و التدقيق في جريمة سرقة جواز السفر.
دون أن يفقد كثيرا من هدوئه مر إدريس العلمي إلى الإعتراف، بدى وكأنه إستعد لهذه اللحظة منذ فترة طويلة، بل إنه بتعاونه الكامل مع المحققين بدى وكأنه سعى إلى هذه اللحظة، وكأنه برمج توقيتها و لحظاتها الحاسمة. لم يجد ضابط الشرطة الذي أوكلت إليه مهمة التحقيق مع إدريس العلمي أي صعوبة تذكر، فالشاب نحى منحى الإقرار و الإعتراف منذ البداية.
كانت إعترافاته تتيح إعادة رسم مسار حياته، جاء في إعترافاته : أنا إدريس العلمي من مواليد مدينة الدار البيضاء في 5 فبراير 1978، أتممت مساري الدراسي بالتخرج من مدرسة تكوين الأطر السياحية بمدينة طنجة٬ في الدار البيضاء حيث إستقر والدي وكان إطارا بارزا في قطاع التعليم، لم أتمكن من الحصول على عمل.
لم يكن لإدريس إبن رجل التعليم المرموق أن يتقبل بأن ينعت بالعاطل، كان عليه أن يعمل، قبل الشاب إدريس العلمي أن يشتغل في نزل شعبي في مدينة برشيد لقاء أجر شهري متواضع، وافق على العمل لسبب وحيد هو أن برشيد ليست بالبعيدة عن الدار البيضاء.
في النزل كان عليه أن يقوم بكل شيء، كانت مهمته لا تقتصر على الطبخ ولكنها تتسع لتشمل توضيب الغرف و تنضيفها فضلا عن القيام بمهام موظف الإستقبال. في الصباح كان يعد مائدة الفطور و في الزوال مع مستخدمين آخرين يقوم بتنضيف الغرف و إعدادها لإستقبال الزبناء، ثم بعد ذلك يلتحق بالمطبخ ليشارك في إعداد وجبة الغداء. بعد ذلك فقط يأخد إدريس قسطا من الراحة إستعدادا لفترة مسائية لا تقل إرهاقا. في المساء يساهم إدريس في إعداد وجبة العشاء ثم يتحول إلى موظف للإستقبال يتولى شؤون الزبناء الوافدين بدء ا بتسجيلهم في كناش الفندق.
الأشهر التي قضاها إدريس العلمي في هذا الفندق الشعبي بمدينة برشيد مع أنها كانت مرهقة و مضنية أكسبته عدة مهارات خاصة في مجال الطبخ، مجال إختصاصه الأول.
أحلام الشاب إدريس العلمي كانت أوسع مجالا من مدينة برشيد، كان طموحه يدفعه دون ما كلل أو ملل إلى إرسال الطلبات تلو الطلبات إلى المؤسسات الفندقية الكبرى عله يظفر بمنصب شغل في إحداها، ولكن لا شيء من ذلك تحقق.
في 23 من مايو من العام 1998 سيحدث التحول الأكبر في حياة الشاب إدريس العلمي.
يتبع....

تعليقات
إرسال تعليق